وصلت إلى المقهى فلم تجده .. نظرت الى الساعة .. فوجدت انها أبكرت بقدومها ..
اختارت الانتظار ..
جلست على إحدى الطاولات ..
لم تأخذ شيئاً .. فضلت انتظاره ..
ليظهر من بين المارة ماشياً بقدمين مثقلتين ..
يدفع الباب .. يدخل ..
تاخذ هي نفساً عميقاً ..
تشير له بيدها وترسم على وجهها ابتسامة باهتة ..
يلقي السلام ويجلس امامها ..
يتكئ على الطاولة واضعاً يديه تحت ذقنه ..
ماذا تشربين يسألها ..
ترد : لا شئ ..
فيطلب كوبان من الماء ..
يأخذ نفساً عميقاً ..
يتحاشى كل منهما النظر الى عيني الآخر ..
تمر الدقائق .. ويستمر الصمت
لا يكسره سوى صوت كوبا الماء على الطاولة ..
يخبرها أن موعد سفره في الغد .. وانه سيصطحب الابن الأكبر معه ..
تنظر اليه محدقة ..
تلتزم الصمت وتشيح بوجهها
اذا احتاجت ابنتنا شئاً اخبريني .. يقول لها..
تبتسم بسخرية .. تتنهد ..
تمر الدقائق تتوتر الاجواء .. يكادان يختنقان بالهدوء المصطنع ..
ترد : لنقل وداعاً اذن ..
فيرد : نعم
تقف
تمسك حقيبتها وتتجهه للخروج ..
تحاول رفع قامتها ..
تصل الى الباب .. تلتفقت اليه ..
تلتقي عيناهما
يتوقف بينهما الزمن لبرهة .. جزء من الثانية مرت فيه أزمان ..
توشك أن تعود الى الطاولة ..
يوشك أن يقف ليناديها ..
تنتظرُ منه .. وينتظرُ منها
واذ بصوت إمرأة خلفها : لو سمحتِ أريد الخروج ..
لتدرك فجاة أنها تقف في طريقها ..
ترتبك .. تتراجع لتخرج المراة
تدور حول نفسها كمن يبحث عن ضالته ..
تخرج ..
تسير على الرصيف تدق الأرض بخطواتها المقهورة ودموعها المتحجرة ..
يجلس ..
محدقاً في كوب الماء الذي لم تشرب منه شئ ..
لقد كان آخر لقاء بينهما ..
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق